مجزوءة الفاعلية و الإبداع - مفهوم التبادل

تقديم المفهوم
يمكن تعريف التبادل بأنه علاقة بين فردين او جماعتين يقدم فيها  الواحد للاخر شيئا يعادل ما تسلمه او يتعداه . ان التبادل بهذا المعنى علاقة إجتماعية تقتضي وجود طرفين أحدهما يعطي والآخر  ياخذ .هذا الأخذ  والعطاء قد يكون ماديا او رمزيا. أي أن  التبادل لايقتصر على الأشياء  المادية فقط وإنما  يشمل أيضا  التبادل الرمزي كتبادل الأفكار  و المعتقدات وغيرها   . أما  إشكالياتنا هنا فيمكن  تقسيمها الى ثلاثة محاور أساسية هي :
- ١ - التبادل خاصية إنسانية.
- ٢ - التبادل و المجتمع.
- ٣ - التبادل الرمزي.
- المحور الأول: التبادل خاصية إنسانية. 
في مقدمة مفهوم التبادل، تمت الإشارة إلى أننا أمام ظاهرة إجتماعية ، فهل معنى هذا أن التبادل يخص الإنسان وحده أم مشترك بين الإنسان  و الحيوان؟
اذا كان الأمر يخص الإنسان  وحده ، فهل ينحصر الأمر في التبادل الاقتصادي أم  يتجاوزها الى تبادل الأفكار  والمعارف والرموز ؟
-  تحليل نص : " التبادل و المنفعة "
- صاحب النص : " ادم سميث" (1723-1790) عالم اقتصاد  اسكتلندي من المنظرين الأساسيين للاقتصاد الليبرالي ، من أعماله " أبحاث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم "
ملاحظة: تتبع مع الأستاذة قراءة النص وفهمه ، وسجل معها ما تكتبه على السبورة في دفتر ك ، من مراحل تحليل النص الفلسفي . اي الإشكالية  و الأطروحة  و المفاهيم والحجج ثم الاستنتاج .


 - المناقشة
لمناقشة أطروحة "آدم سميت" ننتقل إلى النص المحاور في الصفحة الموالية ( 113)حيث يرى "نيتشه" أن التبادل أساس القيم الإنسانية من بداية الحياة الإجتماعية و لكل شيء ثمن وكل شيء يشترى . معنى هذا أن "نيتشه" ربط التبادل بالقيم اي وسع مجاله فأصبح لا يقتصر فقط على تبادل السلع .
-خلاصة : إن التبادل يرتبط بالأنانية  والمصلحة ويخص الإنسان  مادام يشمل الأفكار  والعادات والتقاليد والقيم.

- المحور الثاني : التبادل و المجتمع
يقال عادة "لا مجتمع بدون تبادل " فما حقيقة هذا القول؟
وكيف يعمل التبادل على تأسيس  الرابطة الإجتماعية ؟
هل التبادل طبيعي أم ثقافي ؟
- تحليل نص "ظاهرة التبادل"
- صاحب النص : أرسطو. 
يطرح النص إشكالية أساس مفهوم التبادل . فعلى ماذا يتأسس  التبادل،هل يرجع إلى  اساس طبيعي أم  ثقافي ؟
- الأطروحة:
يرى أرسطو  ان التبادل هو إستعمال للملكية ، واستجابة طبيعية للحاجة. ولما كانت الحاجة متأصلة في الطبيعة الإنسانية ، كان التبادل
 كذلك ذو أساس  طبيعي في الإنسان قبل أن يكون  نتاجا ثقافيا مرتبطا بتطور المجتمعات .
- مفاهيم النص :
- التبادل : علاقة بين فردين او جماعتين يقدم فيها كل واحد للآخر شيئا يعادل ما تسلمه أو يتعداه .
- الملكية  : مجموع الأشياء التي تكون بحوزة الشخص و يملك حرية التصرف فيها.
- الطبيعة : تشير إلى الخصائص المتجدرة في الإنسان  والتي تلازمه ولا تفارقه.
-  الحاجة : هي شعور بنقص او حرمان أو فراغ يدفع الشخص للبحث عن الإشباع ليحقق التوازن المفقود .
- المجتمع : مجموعة من الناس تعيش بشكل منظم وفق مبادئ  وأعراف وتقاليد ضمن منطقة جغرافية محددة .
- البنية الحجاجية: للدفاع عن أطروحات ، التجا   أرسطو  إلى:
- حجة المثال وتتجلى في تبادل الأشياء بين الناس  عن طريق المقايضة  كتبادل الخمر بالحنطة  .
- حجة البرهان بالخلف : مؤشرات "قس على ذلك جميع الأشياء " اد ليس هنالك مما نمتلك لا يمكن أن يصير موضوع تبادل .
استنتاج : إن التبادل بهذا المعنى ، لحمة إجتماعية مادام أنه  وسيلة لإشباع حاجات  الناس الضرورية .
- المناقشة : لمناقشة أطروحة  أرسطو حول أهمية التبادل في تأسيس  الروابط الاجتماعية ، يرى الفيلسوف الفرنسي" مونتسكيو" ان التبادل التجاري ليس فقط وسيلة لإشباع  الحاجات المادية للانسان  ، وإنما  أيضا يحقق السلم بين الأفراد والمجتمعات والأمم  ويهذب الأخلاق " كل أنواع  الاتحاد انما أساسها  الحاجات المتبادلة" لأن  المتاجرة حسب "مونتسكيو" لاتقتصر على السلع فقط وإنما  تشمل أيضا أمور  إنسانية أخرى  بما فيها الفضائل الأخلاقية.  اى ان كل ما يحتاج إليه  الإنسان  يباع ويشترى.
خلاصة: هكذا يبدو التبادل رابط إجتماعي لأننا نتادل السلع والأفكار  و الأخلاق  والقيم . لكن إذا  كان ذلك واضح في الجانب المادي  للتبادل ،فان  الغموض مازال يكتنف التبادل الرمزي.
- المحور الثالث: التبادل الرمزي 
 رأينا في درس اللغة أن الإنسان كائن رامز أي أن الرموز أساسية في حياة الإنسان الفردية او الجماعية. اما الآن سنتساءل عن قيمة التبادل الرمزي لدى الإنسان  وعن أشكاله.  هل يمكن اعتبار الهدايا والهبات حروبا رمزية ، يلجأ  إليها  الأفراد  والجماعات تفاديا لحروب يستعمل فيها السلاح ؟ هل التبادل الرمزي لدى الإنسان  يهدد البناء الاجتماعي أم  يدعمه ؟
الجواب عن هذه الأسئلة  يرى الانتربولوجي الفرنسي " مارسيل موس" أننا  لا نتبادل الخيرات والثروات فحسب ، وإنما نتبادل العطايا و العطايا المقابلة لها أيضا . ان تبادل العطايا او الهبات تعبير رمزي يخفي وجود تعاقدات والتزامات بين الأفراد والجماعات البشرية .
لاجل توضيح اطروحته قارن "موس" بين المجتمعات القديمة والحالية ، ولاحظ ان التبادل في المجتمعات القديمة ليس لاقتصاد هو العنصر المهيمن عليه ، كما هو عليه الشأن في المجتمع الحالي، وإنما  المهم فيه هو تبادل الطقوس والآداب  والخدمات والحفلات والنساء ...انه تبادل رمزي يمارس بشكل إرادي حر .لكنه يخفي عمقه الإلزامي ؛ فإذا  كان المعطي حر  في  ما يعطيه فإن المعطى له او الآخذ ملزم بقبول العطاء ورده في نفس الوقت  وذلك تفاديا لوقوع  الحرب . اي ان الامتناع عن قبول او رد الهدية ايدان لاندلاع حرب  .
- المناقشة
لمناقشة أطروحة  هذا النص ، يرى الباحث الانتربولوجي الفرنسي Maurice Godelier أن  الهبة ليست عطاء بريئا، كما يبدو لأول وهلة، وإنما هي بناء لعلاقة تراتبية بين الواهب والموهوب له. لأن هذا الأخير يبقى أسيرا وتابعا حتى يعيد ما اعطي له.الهبة بهذا المعنى سيف ذو حدين ؛ فهي تقرب بين أفراد  المجتمع وتدعم الروابط الاجتماعية. لكنها ، في نفس الوقت، تؤسس التباعد بين أفراد المجتمع لأنها تجعل البعض أسير فضل البعض الآخر
-خلاصة 
يتضح مما سبق أن  التبادل ليس فقط تبادل السلع المادية وإنما  أكثر من ذلك نتبادل الرموز والعواطف والمعتقدات  والهدايا .بل إن تبادل هذه الأخيرة يخفي وراءه ترابية إجتماعية  وصراع بين الأفراد  والمجتمعات بل هي التي تؤدي إلى نشوب الحرب او تفاديها.